قولها "وشد
مئزره": كناية عن الاستعداد للعبادة، والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد،
ومعناه التشمير في العبادات، كما يقال: شددت لهذا الأمر مئزري: أي تشمرت له
وتفرغت. وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء، وترك الجماع، وهذا هو الأقرب، وبذلك
فسره السلف والأئمة المتقدمون منهم سفيان الثوري، وورد تفسيره بأنه لم يأوِِ إلى
فراشه حتى ينسلخ رمضان. وفي حديث أنس: {وطوى فراشه، واعتزل النساء }.
وقولها "أحيا
الليل": أي استغرق معظمه وكان يحيي ليله بالقيام والقراءة والذكر بقلبه
ولسانه وجوارحه لشرف هذه الليالي وقد جاء
في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "لا أعلم رسول الله صلى الله عليه
وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا قام ليلة حتى الصباح، ولا صام شهرًا كاملاً قط
غير رمضان .
وقولها:"وأيقظ
أهله" أي: أيقظ أزواجه للقيام. ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يوقظ
أهله في سائر السنة، لكن كان يوقظهم لقيام بعض الليل، ففي صحيح البخاري أن النبي
صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال:"سبحان الله! ماذا أنزل الليلة من
الفتنة؟! ماذا أنزل من الخزائن؟! من يوقظ صواحب الحجرات؟ يا رُبَّ كاسية في الدنيا
عارية في الآخرة"، لكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العشر الأواخر من
رمضان كان أبرز منه في سائر السَّنَةِ.
برنامج عملي للعشر
الاواخر
ولذلك لا بد لنا ان
نستغل الفرصة في هذه الايام ونحاول ان نستدرك ما فاتنا وما فرطنا في جنب الله وهذه
العشر الأواخر من رمضان تحتاج إلى تنظيم الوقت تنظيما جيدا لنستطيع الاستفادة من
كل لحظة من لحظاتها الغالية، واستغلاله استغلالا محمودا ولو اننا حاولنا ان نصنع
جدولا نحاول ان نستغله في هذه الايام الباقي اقول :
1- التوبة الى الله
من كل الذنوب والبدء بتقديم اسباب التوبة من الندم على ما فات والعزم على ما ياتي
واصلاح العلاقة بينك وبين الله وبينك وبين الناس .
2- المكث في المسجد من بعد صلاة الفجر وحتى الشروق
- إن تيسر أو في البيت- لقراءة أذكار الصباح، وما تيسر من القرآن، ثم صلاة الضحى
ركعتين أو أربع.
3- العودة للبيت
والاستعداد للذهاب إلى العمل، أو النوم حتى موعد العمل، كل حسب مواعيد عمله.
4- أذكار الخروج من
المنزل، وتلاوة ما تيسر من القرآن أو أوراد الذكر والاستغفار في الطريق إلى العمل
أو السماع أن كنت تقود سيارة.
5- المحافظة على
الصلوات في أوقاتها، والاستعداد قبلها بالوضوء، وترديد الأذان، وصلاة السنن
القبلية والبعدية بما لا يؤثر على مصلحة العمل.
6- استثمار أوقات
الفراغ في تلاوة القرآن أو قراءة أي كتاب نافع أو الاستغفار والذكر.
7- تلاوة أذكار
المساء في طريق الرجوع إلى المنزل.
8- تجنب الإسراف في
الطعام، فالله لا يجب المسرفين، ورمضان شهر عبادة وزهد، وليس شهر طعام،
9- صلاة المغرب ثم
الإفطار وأخذ قسط من الراحة حتى أذان العشاء، والنزول للمسجد لأداء صلاة العشاء
والتراويح.
10- الاغتسال قبل
النزول الى صلاة العشاء والتراويح فقد روى
ابن ابي عاصم عن عائشة: { كان رسول الله
إذا كان رمضان قام ونام، فإذا دخل العشر شدّ المئزر، واجتنب النساء، واغتسل
بين الأذانين، وجعل العشاء سحوراً }
والمراد: أذان المغرب والعشاء، قال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل
ليلة من ليالي العشر الأواخر.
11- النوم حتى قبيل
الفجر بساعتين، والاستيقاظ لصلاة التهجد والوتر والدعاء .
12- تناول طعام
السحور قبل الفجر بنصف ساعة مثلا، فمن السنة تأخير السحور.
13- الانشغال
بالاستغفار حتى أذان الفجر.
14- الاعتكاف في
العشر الأواخر سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه فضل كبير لمن استطاعه، فإن
كنت ممن تسمح لهم ظروفهم ولا مانع قويا لديك فشمر عن ساعد الجد واعتكف لله فإن
الاعتكاف يعود عليك بالخير الكثير .
15- الاكثار من
التصدق في هذه الأيام العشر الباقية من رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان.
16- غير نفسك ،
افحصها وانظر كيف هي وحاول ان تغير من حالك مع ربك، ونفسك، وأهلك، والناس من حولك
على اختلافهم .
وكل مجال من هذه
المجالات يحتاج إلى مكاشفة ومصارحة مع النفس، للوقوف على عيوبها ومثالبها، ومن ثم
البدء في علاج تلك العيوب والتخلص منها، والاستزادة من خصال الخير.
ا- في مجال إصلاح
العلاقة مع الله عز وجل، انظر لتقصيرك في عبادته سبحانه، واجبر هذا التقصير، فإن
كان في الصلاة فعاهد الله عز وجل على أن تحافظ على الصلوات في أوقاتها، وإن كنت
مرتكبا لذنب فعاهد ربك على الإقلاع عنه والتوبة النصوح منه، فتحول بذلك من المعصية
إلى الطاعة.
ب - وفي مجال الأهل،
انظر كيف كنت تعامل والديك وإخوتك وذوي أرحامك وباقي أهلك، فتحول من العقوق إلى
البر، ومن القطيعة إلى الصلة، ومن سوء العشرة إلى حسنها.
ج - وفي مجال الناس،
راجع علاقاتك مع جيرانك، وزملائك، ومع إخوانك وأصدقائك، فتحول من الإيذاء إلى
الإحسان، ومن الحقد إلى التسامح والعفو، ومن الحسد إلى حب الخير للناس.
د - وفي مجال النفس،
احصر عيوبها الدفينة، واسع إلى علاجها، لتتحول من الكبر إلى التواضع، ومن الرياء
إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن النقمة إلى الرضا.
وهكذا أخي الحبيب ..
حتى تخرج من هذا الشهر الكريم، وقد منَّ الله عز وجل عليك بفضله، وتحولت نفسك،
وتغيرت إلى الأفضل في كل المجالات.



